كلما شاهدت تألق الحضري مع المنتخب المصري، عرفت المعنى الحقيقي للإرادة والعزيمة، فالحضري الذي تعرّض لحملة شرسة من قبل جمهور النادي الأهلي -أغلب الجمهور المصري- وتم سبّه ومقاطعته ومهاجمته في كل مباراة للمنتخب بعد أن ترك النادي الأهلي بدون سابق معرفة، وتوجه لنادي سيون لخوض تجربة الاحتراف؛ مما اعتبره جمهور الأهلي خيانة عظمى لا تغتفر وطالبوا بمنعه دخول مصر!!
جعل من الحضري وحشاً وبدأ عصام التحدي وأبى أن ينساق وراء مشاعر الجماهير ويترك نفسه للسباب والشتائم التي لاحقته في المدرجات، وتبدّل حاله بين يوم وليلة.. مِن "ارقص يا حضري" إلى "خاين يا حضري"!!.. مما زاده إصراراً وتدريباً وولد لديه طاقة غريبة، فتفوّق الحضري على نفسه ونجح في أن يُحرز مع نادي سيون السويسري الضعيف بطولة كأس سويسرا، وحافظ على فريقه في الدوري الممتاز بعد أن كان مهدداً بالهبوط قبل أن يتركه ويعود لمصر للانضمام إلى نادي الإسماعيلي، غير أن وجود عصام الحضري مع المنتخب المصري يعطي الجميع ثقة بأن عرين مصر بخير، وتذكر مباراة البرازيل وإيطاليا في كأس القارات.. ومن بعدها في تصفيات كأس العالم أمام رواندا وزامبيا.
عزيمة الحضري وإصراره على فرض اسمه على المنتخب وعلى المعلم حسن شحاته -المدير الفني للمنتخب- جعله الخيار الوحيد أمام الجميع؛ ليكون هو دائماً وحش إفريقيا الذي أجهد إيتو ودروجبا وكاكا ولوكا توني وكبار لاعبي العالم.
الحضري الذي حاول أن يخوض تجربة الاحتراف ويجعل من سيون محطة لانتقاله لأحد الأندية الكبيرة بأوروبا، ولم يحالفه الحظ، أو ربما أخطأ من البداية بعدما ترك القلعة الحمراء، أو اختار التوقيت السيئ للاحتراف، أو كانت الطريقة التي رحل بها عن الأهلي لا تليق بالحارس الكبير أو بالنادي العظيم؛ مما جعل هناك فجوة وجفاء بين الحضري وجماهير النادي الأهلي؛ لكن كل هذه الأمور استغلها الحضري لصالحه ولم يفقد مكانه كحارس أساسي في أي فرقة ينضم إليها أو المنتخب المصري.
أمس شاهدت حارسين عملاقين من كبار حراس العالم، الأول هو ديدا حارس مرمى إيه سي ميلان والحاصل على كأس العالم مع البرازيل وغيرها من البطولات التي لا تعد ولا تحصى، والآخر هو إيكر كاسياس أفضل حراس العالم والذي يلعب لأكبر أندية العالم ريال مدريد والحاصل على بطولة أوروبا الماضية.. لكنها أسماء فقط.
المباراة التي جمعت بين فريقي ريال مدريد وإيه سي ميلان أمس "الأربعاء" في دوري أبطال أوروبا جعلت الجميع يتوقع أنها مباراة حراس المرمى، وأن الأفضل هو مَن سيمنح فريقه التفوّق؛ لكن للأسف غاب الحارسان اللذان حضرا بجسدهما فقط، وغابا تماماً عن الوعي وكأنه قد تم استبدالهما بحارسي من مركز شباب إمبابة -مع الاعتذار طبعاً لمركز شباب إمبابة.
فالمستوى الذي ظهر به كاسياس وديدا يوم الأربعاء الماضي جعلني أضرب كفاً على كف، هل هذان الحارسان يلعبان لمثل تلك الفرق، هل هذه الأخطاء يرتكبها أكبر حراس العالم، هل من الممكن أن يصبر أي مدير فني على حارس بهذا التواضع؟!!!
مع كل كرة كانت تصل لديدا وكاسياس كان جمهور الفريقين يضع يده على عينه وقلبه؛ فالمرمى وكأنه خالٍ تماماً، وشهدت المباراة خمسة أهداف جميعها يسأل فيها حارسا المرمى إيكر كاسياس وديدا.
هذا الموضوع ليس دفاعاً عن عصام الحضري أو تبريراً لتصرفاته؛ لكن الحق يقال إن الحضري قدّم كثيراً لمنتخب مصر والنادي الأهلي، وواجه الكثير والكثير من الصعوبات التي تهد جبل وتفقد الثقة بنفس أي شخص، لكن الحضري أثبت أنه جاهز دائما وعلى استعداد للمواجهة في أي وقت، ونحن أيضاً ننتظر المزيد من الحضري الذي لو حالفه الحظ والسن لشاهدناه يلعب لأكبر الأندية الأوروبية، لكن بإذن الله نشاهده في كأس العالم 2010 بعدما يوفقه الله أمام الجزائر في المباراة المصيرية والفاصلة يوم 14 نوفمبر!!