في السابعة من مساء أمس السبت، تم إعلان نتائج جوائز مهرجان فينيسيا (البندقية) السينمائي، وهو واحد من خمسة مهرجانات عالمية سينمائية يُحسب لها ألف حساب كل عام قبل التقدّم لها، منها مهرجان كان السينمائي وجوائز الأوسكار... وغيرها.
وقد استطاع السينمائيون الإسرائيليون لفت الأنظار إلى أقصى الدرجات في هذا المهرجان، وذلك عن طريق تقديم فيلم واحد متميز يُدعى "لبنان ـ Lebanon" تدور أغلب أحداثه داخل دبابة، ويُحاول فيه المخرج صامويل ماعوزا أن يُصوّر الرعب والخوف الذي كان يجتاحه عندما كان يعيش أغلب أيامه داخل الدبابة، وذلك في الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 1982.
ويبدو أن هذه الحرب قد أثرت على نفسية الإسرائيليين، فقتل المدنيين اللبنانيين وتحويل أرض لبنان إلى خراب قد ظهر في مجموعة من الأفلام السينمائية الإسرائيلية من قبل، آخرها فيلم "Waltz With Bashir" الكرتوني، والذي تم ترشيحه لجائزة الأوسكار عن أفضل فيلم أجنبي في العام الماضي، وأغلبها قد نال استحسان النقاد؛ ذلك لأنها تعرض الآلام النفسية التي عاناها الإسرائيليون في تلك الحرب.
وقد وصفت صحيفة النيويورك تايمز فيلم ماعوزا بأنه قطعة فنية سينمائية مذهلة، وفي تقديمه للحصول على الجائزة قال ماعوزا: "أهدي هذه الجائزة إلى الآلاف من الأشخاص حول العالم الذين عادوا من الحرب سالمين مثلي، هم يبدون في حالة جيدة ظاهريًا، ولكن من الداخل سيظل خنجر الذكرى مغروسًا في أعماقهم"، وهو ما دفع بعض الحاضرين للدموع.
وفي حين تنوّعت باقي الجوائز بين الأمريكيين والأوروبيين، كانت الجائزة الوحيدة اللافتة للنظر هو حصول الإيرانية شيرين نشأت على جائزة أفضل مخرج عن فيلمها "Women Without Men" وقد استلمت الإيرانية الجائزة مرتدية فستانًا لونه أخضر علامة على تضامنها مع الانتفاضة الإيرانية في شوارع طهران ضد الحكم الإيراني الحالي.
أما من الناحية المصرية، فقد شاركت مصر بفيلم واحد في المسابقة الأساسية في المهرجان هو فيلم "المسافر" للمخرج المصري أحمد ماهر، وإن كان الفيلم مخيبًا للآمال بشدة، حتى أن وكالات الأنباء المختلفة مثل رويترز قد تحدّثت عنه قائلة بأن الجمهور قد خرج مع مرور أقل من نصف الفيلم؛ بسبب كون الفيلم مملاً وأشبه بأفلام المخرج الإيطالي الراحل فيليني.
وقد تحدّثت الصحافة الإيطالية عن هذا الفيلم قائلة بأنه لا يستحق دخول المهرجان، وأن الأسباب وراء دخوله كانت بسبب ضغوط سياسية من ناحية، وكون أحمد ماهر مخرج الفيلم يعيش في إيطاليا ويعمل مع مصورين إيطاليين منذ سنوات طويلة.
ومن جهته علّق أحمد ماهر على الفيلم قائلاً إنه احتاج إلى 9 سنوات كاملة لإنتاجه، منها ثلاث في كتابة السيناريو وثلاث في التصوير.
أما فيلمي "احكي يا شهرزاد" للمخرج يسري نصر الله و"واحد صفر" لكاملة أبو ذكرى فقد خرجا من مسابقة "آفاق" التي توازي المهرجان خالي الوفاض دون أي جوائز تُذكر، عدا عن جائزة من واحدة من منظمات الحقوق الإنسانية الإيطالية وحاز عليها فيلم "احكي يا شهرزاد".
وبعيدًا عن المواقف السياسية، يُوضح النقاد وجود حرفية عامة واضحة في صنع فيلم "لبنان" الذي فاز بالجائزة الأولى، والذي قدّم بالفعل مجموعة من المَشاهِد الإنسانية الحزينة التي لفتت أنظار الجميع (رغم مغالطتها التاريخية الواضحة)، مما يؤكد بأن الفيلم كان يستحق الفوز بالجائزة من الباب السينمائي.
جدير بالذكر أن مهرجان تورنتو السينمائي (وهو أحد المهرجانات الخمسة الأهم سابقة الذكر) يحتفل هذا العام بمئوية مدينة تل أبيب الإسرائيلية، ورغم مطالبة الرأي العام المصري المخرجين السينمائيين يسري نصر الله وأحمد ماهر بالانسحاب من ذلك المهرجان، إلا أنهما أكدا أنهما سيظلان فيه، كي لا يخليا الساحة لإسرائيل على حسب زعمهما، وإن كان من الواضح أن تأثيرهما على النجاح الإسرائيلي لن يكون كبيرًا، بدليل ما حدث في فينيسيا.