في صالونه الثقافي السنوي بدار الأوبرا
د."أحمد زويل": المخ كـ"ميدان التحرير".. وإسرائيل تنتصر علينا بالتكنولوجيا وليس بالحروب!
منذ عام 2004 ودار الأوبرا المصرية حريصة على إجراء لقاء سنوي مع العالم المصري الكبير د."أحمد زويل"، يجتمع فيه مع نخبة المثقفين والعلماء والبسطاء والعامة والشباب، لينقل إليهم -وهذا حقهم عليه- آخر ما توصل إليه العلم، وأحدث النظريات العلمية والثقافية الجديدة، ومدى ارتباطها بتغيير العالم، والارتقاء بالإنسانية، ويطلب منهم -وهذا حقه عليهم- ويطالبهم بضرورة الفهم ومحاولة التطبيق لهذه النظريات، من أجل خدمة بلده الأولى مصر -رغم أنف جنسيته الثانية الأمريكية- إلا أن صالون "زويل" الثقافي -كما أطلقت عليه دار الأوبرا المصرية تقديرا لدوره البارز- الذي تم مساء الاثنين 16 فبراير 2009 كان له مذاق مختلف وبريق آخر مقارنة بالسنوات الماضية!
ربما لأن الأمسية الثقافية الفنية التي يعقدها "زويل" هذا العام تتزامن مع مرور 10 سنوات على فوزه بجائزة نوبل في فرع الكيمياء عام 1999، وربما لأن عنوان هذه الأمسية كان "ثروات الأمم وثورة الفكر"، وربما لأنه قد اقترب من الفوز بجائزة نوبل للمرة الثانية في "الميكروسكوب رباعي الأبعاد" الذي اخترعه هو وفريقه مؤخراً، وربما لأسباب أخرى لن تعرفها إلا إذا قرأت هذا التقرير حتى نهايته.
منكل فئات الشعب الكل جاء قبل الموعد بساعات طويلة لحجز مقعد متقدم في الصفوف الأولى -ولا أحد يجرؤ على التأخير- إلا أن اللافت للنظر هو كم الأتوبيسات التي جاءت متكدسة حتى آخرها بطلاب المدارس والشباب الجامعي للتواجد في حضرة الأستاذ، وكأن الذهاب لرؤيته رحلة تفوق في متعتها رحلات مدينة الملاهي التي تجذب الجميع!
شبابنا لسه بخير
كعادته، حضر د."زويل" في تمام السابعة مساءً -دون أي تأخير يمتد إلى ساعتين وثلاث ساعات كما يحدث في معظم الحفلات الغنائية مع كبار وصغار المطربين في آن واحد- ليصعد على خشبة المسرح وسط تصفيق حار، وقيام كل الحاضرين احتراماً ومهابة للعالم الكبير، بعد تقديمة أنيقة وموجزة من الكاتب الصحفي "أسامة هيكل" -المسئول عن إدارة الندوة- بالإضافة إلى الشاعر الكبير والكاتب الصحفي المرموق "فاروق جويدة" والعالم الكبير أيضاً د. "محمد غنيم" رائد زراعة الكلى في مصر والمفكر السياسي والاجتماعي الأستاذ "السيد ياسين" حيث صعد ثلاثتهم خشبة المسرح، وجلسوا في رحاب الأستاذ لمحاورته في كيفية ربط رؤيته والنظريات الغربية التي سيتحدث عنها، بالعلم والثقافة والمجتمع في مصر، لتبدأ الأمسية بقمم فكرية، وعلمية، وأدبية، وجمهور غفير تتنزل عليه الملائكة بالرحمة والسكينة
شعوب الليزر!
"ويلٌ لطالب العلم إذا رضي عن نفسه".. مقولة خالدة لعميد الأدب العربي د."طه حسين" استعارها د."زويل" في حفل تسليم جائزة نوبل، وعاد ليرددها من جديد على مسامع الجمهور الغفير، معلناً أنه لم ولن يشبع نهمه العلمي، وظمأه الثقافي، ومؤكداً أن سفينة العلم التي استقلها منذ بداية مشواره الحافل لن تكف عن الإبحار في الحضارة والمعرفة رغم عشرات الجوائز والمناصب التي تقلدها، ولم تكن آخرها "نوبل 99"، ثم أردف المثل الصيني الشهير: "أوقد شمعة خير لك من أن تلعن الظلام ألف عام" كأنسب مقولة تتناسب مع الوضع المصري - العربي الراهن، قبل أن يختار كتاب "ثروة الأمم" لعالم الاقتصاد الأسكتلندي "آدم سميث" الذي نشر عام 1776 في مطلع الثورة الصناعية وتناول العديد من الموضوعات الاقتصادية المهمة، موضحاً أن النهضة والتنمية صارت الآن منظومة لها 3 أضلاع رئيسية هي: "المهارات والذكاء" -مستشهداً بما يحدث في الصين وكوريا الجنوبية حيث العقول الذكية المنتجة- و"نظام الحكم وما يوفره من حرية للفرد في الإبداع" -مستشهداً بالديموقراطية الأمريكية وتوفيرها للمناخ المناسب للعلم والعلماء وحتى الأفراد العاديين في التفكير والاجتهاد- و"المناخ" الذي يمثل الطقس والتربة
قائلا إن الشعوب المنظمة في تكوينها شعوب قوية لها وحدة أشبه بشعاع الليزر، ولها تأثير، أما الدول اللاشكلية واللانظامية فهي كالمصباح الكهربي، ضوؤه به ذرات همجية غير متحدة، منتشرة في كل مكان، تضيء ولكنها بلا تأثير.. "اليوم يمكنني أن أقول إننا لو ضاعفنا ميزانية البحث العلمي عشرات المرات، فلن نتقدم؛ لأننا لا نملك الكوادر العلمية والاستراتيجية التي توظف العلم والاقتصاد والثقافة في خدمة مشروعات تنمية الأمة"
الاختلاف في 0.01%!
واستشهد الدكتور "زويل" بخريطة الجينات التي تفسر وتوضح كل الجينات الموجودة في الجسم البشري ودور العلم في اكتشافها وفك شفراتها، حتى أنه وقت اكتشافها كانت ثورة علمية رهيبة تحدث عنها الرئيس الأمريكي وقتها "بيل كلينتون" إذ من خلالها تم اكتشاف أن جينات البشر تتشابه بنسبة 99.99 % وأن كل هذه الفروق في الذكاء والقوة والصحة والشكل بين البشر تكمن في نسبة الاختلاف التي لا تتعدى 0.01%؛ إذ تحتوي خريطة الجينات على 3 مليار كلمة جينية، يكفي اختلاف كلمة جينية واحدة فقط في حدوث تطورات وتغييرات رهيبة في جسم الإنسان على المدى القريب والبعيد، وتساءل بهدوء: "لماذا يصاب أحدهم بسرطان الثدي ويصاب آخر مثلا بسرطان البروستاتا؟ وما الفرق بين هذا السرطان وذاك؟ إنها الجينات -أيها السادة- التي يؤدي خلل في كلمة واحدة من إجمالي 3 مليار كلمة إلى حدوث ذلك!"، وأوضح "زويل" أن تكلفة فك شفرة الكلمة الجينية -في البداية- كان يتكلف دولاراً واحداً، أي أنه لفك الشفرة الجينية لكل إنسان فإنه يحتاج إلى ثلاثة مليار دولار لفك شفرة الثلاثة مليار كلمة جينية الموجودة في حبله الجيني، إلا أنه مع المزيد من الأبحاث والدراسات وربط العلم بالاقتصاد أصبح الآن في وسع أي إنسان أن يفك شفرات خريطته الجينية بأقل من ألف دولار، وما زال هذا المبلغ في تناقص مستمر مع تطور العلم وربطه بالاقتصاد
مخك.. ميدان التحرير!
الأمر نفسه يحدث مع تطور اختراعه الجديد "الميكروسكوب رباعي الأبعاد" الذي يتبحر في الذرة إلى درجات فائقة ويصور ما يحدث فيها بأبعاد رباعية، حتى أن شعرة من رأس الإنسان سيجعلها هذا الميكروسكوب كما لو كانت جسماً ضخماً ذا أبعاد رباعية مما يزيد من احتمالية كشف أسرار الذرة -أي ذرة- في كل المجالات والمواد التي تدخل فيها الذرة، سواء من الناحية الطبية، أو الفلكية، أو العسكرية، أو أي ناحية أخرى.
وحول ربط الجينات بالذرة، أكد د."زويل" أن الجينات البشرية ترتبط بالذرة ارتباطاً وثيقاً وضرب مثالاً طريفاً قائلاً: "شوف عندك إشارة زي إشارة التحرير مثلاً بتبقى زحمة ازاي، فما بالك إن المخ بتاع حضرتك فيه أكتر من 10 بليون إشارة عصبية، لو جين واحد حصل فيه خلل كل الإشارات دي هتتأثر، وهو ده دور العلم في منع حدوث هذا الخلل".
نحن في عصر الـ power brain!
تصفيق حادٌّ يصم الآذان يدوي في قاعة المسرح، ويهز أرجاء دار الأوبرا بأكملها، بعد أن ولدت كلمات الأستاذ قدراً رهيباً من الطاقة في عقول المستمعين الذين لم يجدوا حلاً لتفريغ كل هذا الحماس الذي دب في وجدانهم وأوصالهم إلا بالتصفيق، قبل أن يواصل د."زويل" كلامه قائلاً: "لو نظرنا إلى تطور الحضارة الإنسانية لوجدنا أنها بدأت من العضلات عندما كانت تقوم على الزراعة، ومع تطور العصور وحدوث الثورة الصناعية تم تنحية العضلات جانباً واتجهنا إلى الاعتماد على المهارات مثل مهارة تشغيل الماكينات، وقيادة المقطورات والجرارات، وتصنيع الأدوات، أما الآن فنحن في عصر قوة العقل فيما يعرف بالـpower brain".
رصد الكواكب.. والجنود الآليين
بعد ذلك أبحر د."زويل" في شرح أحدث التطورات العلمية التي تعتبرها دول العالم الثالث مجرد كماليات ورفاهيات لا ضرورة لها، مثل إنفاق الولايات المتحدة مبلغ بليون دولار من أجل إنشاء تليسكوب به عدسة ضخمة يصل قطرها إلى 30 متر، مما يعطي الفرصة إلى رصد ومتابعة الفلك، والعودة لتاريخ الكواكب والنجوم بما يصل إلى ملايين السنين، إذ تكفل أحد رجال الأعمال بدفع ما يقرب من 20% من إجمالي التكلفة، مما يؤكد أن الأمر له ضرورته وأهميته بالإضافة إلى الفائدة الاقتصادية التي ستعود على أصحاب المشروع، وهو استكشاف موارد جديدة للطاقة في هذه الكواكب واستخراج الثروات الطبيعية منها، فقد يدفعنا كوكب من الكواكب إلى مئات السنين للأمام باكتشاف مورد طاقة جديد أو معادن لا وجود لها على كوكب الأرض، إذن الأمر ليس مجرد رفاهية دول متحضرة تلهو في الفضاء الخارجي بقدر ما هي تسعى لفرض زعامتها على الكون، وتسخير كواكبه ومجراته في خدمة مشاريعها وخططها.
انتقل بعدها د."زويل" إلى شرح التطور الميكانيكي المرتبط بالذرة، حيث دخل كوكب الأرض عصراً جديداً اسمه "الميكانيكا الذريةMechanic Quantum " والذي يربط تطورات وأبحاث الذرة بالطاقة الميكانيكية التي تتحكم في حركات الآلات والأجهزة، وهو التطور الطبيعي للميكانيكا الكلاسيكية التي اكتشفها "نيوتن"، ثم نظر د."زويل" في أعين الحاضرين بتركيز وضغط على حروفه بطريقة مقصودة أضفت دلالة خاصة على كلماته وهو يقول: "هل يتوقع أحدكم أن تنفق الولايات المتحدة الأمريكية 75% من اقتصادها على أبحاث ودراسات الـMechanic Quantum؟ الأمر إذن له أهميته القصوى في المستقبل؛ إذ ستتيح الـMechanic Quantum إنتاج الجنود الآليين الذين يدخلون ساحات الحرب ويحققون الأهداف المطلوبة بنسب نجاح عالية للغاية دون إهدار الدماء والأرواح، حيث من الممكن إدارة الحروب والمعارك كلها عن بُعد بضغطات زر بسيطة، بخلاف تصنيع الروبوت الذكي القادر على خدمة الإنسان وتنفيذ أوامره بمنتهى الدقة".
نظرت حولي أتأمل الوجوه بعد هذه القنبلة التي فجَّرها د."زويل" بالأرقام والمعلومات، لأجد العيون متسعة والأفواه مفغورة بشكل كوميدي مؤسف فيما يعرف بالكوميديا السوداء على مصيبتنا وأحوال أمتنا المتخلفة، وعلامات الاستفهام والتساؤلات تحلِّق فوق الرؤوس، حتى أن الشاعر "فاروق جويدة" والعالم د."محمد غنيم" والمفكر أستاذ "السيد ياسين" وهم من صفوة الحاضرين لم تختلف ردود أفعالهم وملامح وجوههم عن باقي الموجودين
"انظروا معي إلى أحداث غزة المؤسفة، وما حدث فيها من خسائر تكنولوجية رهيبة لأمتنا بعيداً عن المجازر البشرية التي تعرضنا لها؛ إذ أثبت الجيش الإسرائيلي أن لديه تكنولوجيا عسكرية فائقة بفعل التطور التكنولوجي وأبحاث الذرة التي اهتم بها، حتى صار في إمكانه تصنيع قنابل تعمل على تجميع ملايين الشرائح الإلكترونية الصغيرة للغاية حتى أنها تكاد لا ترى بالعين المجردة، والعمل على تفجيرها في ساحات المعركة، بحيث تنفجر هذه الشرائح التي تم تصنيعها بتكنولوجيا الذرة، وتنطلق بسرعات فائقة دون أن يراها أحد ثم يفاجأ الفلسطينيون الأبرياء بأجسادهم تتمزق دون أن يفهموا ما يحدث؛ إذ إنهم لم يسمعوا عن هذا النوع من القنابل من قبل، هذا بخلاف القدرة على تصنيع الفيروسات بواسطة أبحاث الذرة والعمل على نشرها بقنابل معينة تصيب الأمة بأكملها بأعتى وأشد أنواع الأمراض".. هكذا خرجت الكلمات الصادمة لتنفجر في عقولنا ثم نظرت حولي كالمعتاد، إلا أن ردود الفعل وملامح الوجوه هذه المرة فاقت أي وصف يمكن أن يصف مدى التأثر والصدمة.
إنترنت عبر الذرات
"نتابع كل يوم كل ما هو جديد على شبكة الإنترنت، لكن هل يمكننا أن نتخيل أن الذرة ستدخل في صناعة نوع جديد من الإنترنت، اسمه "الإنترنت عبر الذرات Quantum internet" حيث سيتم الاعتماد على أبحاث وصناعة الذرة في تحميل المعلومات والبيانات على ذرات الهواء المتأينة، وإرسالها عبر الضوء والهواء من مكان إلى مكان في كل أنحاء العالم مما يضاعف من سرعة الإنترنت وتحميل البيانات والملفات، لكنه سيقضي حتماً على مفهوم الخصوصية الشخصية على الإطلاق؛ إذ سيتم الاطلاع على كافة المعلومات المنقولة وعلى الجميع أن يعلم أن أمر حذف أي إيميل لن يعني حذفه بالمعنى المطلوب بل نقله إلى مكان آخر خفي، وغير معلوم"، وأضاف د."زويل" ضاحكاً: "سيكون في وسع طفل عمره 14 عاماً الاطّلاع على خصوصياتنا، إلا أنني رغم كل ذلك ما زال لديَّ التفاؤل؛ إذ إن نظرة متعمقة في تاريخ مصر على مر العصور، سنجد أن منحنيات التفوق والتحضر تعلو وتنخفض بشكل معتدل، مما يعني أننا كنا وما زلنا نتحضر ونتقدم ثم نهبط ونتأخر و(تلك الأيام نداولها بين الناس) فما زال الأمل قائماً، إذ إن عصور أوروبا المظلمة المتخلفة كانت أحوالها أسوأ من أوضاعنا الراهنة بكثير، ومع ذلك نجحت في أن تعتلي المقدمة سريعاً، وكذلك كوريا الجنوبية واليابان والهند وغيرهم من الدول، مما يؤكد أن لدينا أملا في التقدم غداً، ويكفينا فخراً كل هذا الكم الضخم من الشباب الذين جاءوا ليعبروا عن وعيهم ورغبتهم في التقدم، وطموحهم، مما يؤكد أن شبابنا بخير وليس مغيباً أو ضائعاً كما يدعي البعض".
ثم كانت كلمات النهاية الملخصة الموجعة المبشرة: "حتى الآن، وبعد مرور 10 أعوام على فوزي بجائزة نوبل، لا أعرف حيثياتهم ومبرراتهم لمنحي الجائزة؛ إذ إن هذه الأسباب لا تعلن إلا بعد مرور 50 عاماً من الفوز بالجائزة، أي أمامي 40 عاماً حتى أدخل الأرشيف وأطّلع على مبرراتهم ووجهة نظرهم الخاصة في منحي الجائزة، والسبب في ذلك هو رغبتهم في عدم خلق نوع من الجدل والنقاش غير البنّاء بين الجماهير، وهذه أحد أهم أسباب تراجعنا إذ إن معظم مثقفينا ما زالوا حتى الآن منغمسين في الماضي، ويراجعون السيرة الذاتية للزعماء ويثيرون الأقاويل والنقاشات الساخنة حول انتماءات رموز الماضي، وهل كانوا اشتراكيين أو شيوعيين أو رأسماليين أو تقدميين، بينما لا نملك للحاضر أو المستقبل سوى الكلام.. حذار إن التاريخ لن يرحمنا، وسيكشف كل منا على حقيقته، والويل إذا ما أثبت أننا لم نقدم سوى الكلام"
لم يعد جديداً أن أكرر أن القاعة ضجت بالتصفيق بشكل فاق كل التوقعات، قبل أن يتسلم د."زويل" درع التكريم من دار الأوبرا المصرية، ثم انتقلت الأمسية من جانبها الثقافي العلمي إلى الجانب الوجداني عندما سلم د."زويل" الشاب "إسلام" جائزة د."زويل" للفنون والدرع الخاص بها ضمن تكريم صاحب أفضل موهبة فنية يتم اختيارها من بين عدد كبير من المتسابقين والمتسابقات يتم تصفيتهم عن طريق اختبارات في غاية الصعوبة، من لجنة أعضاء تشكلها دار الأوبرا المصرية، ليثبت د."زويل" أن بداخله العالم المصري الأصيل الذي يجمع بين قواعد وقوانين العلم الذي يستمع له ويتابعه الآلاف من الجماهير، وتذوق الفن الرفيع الذي يجلس هو للاستماع إليه مثل باقي المستمعين على مقاعد الجمهور
د."أحمد زويل": المخ كـ"ميدان التحرير".. وإسرائيل تنتصر علينا بالتكنولوجيا وليس بالحروب!
منذ عام 2004 ودار الأوبرا المصرية حريصة على إجراء لقاء سنوي مع العالم المصري الكبير د."أحمد زويل"، يجتمع فيه مع نخبة المثقفين والعلماء والبسطاء والعامة والشباب، لينقل إليهم -وهذا حقهم عليه- آخر ما توصل إليه العلم، وأحدث النظريات العلمية والثقافية الجديدة، ومدى ارتباطها بتغيير العالم، والارتقاء بالإنسانية، ويطلب منهم -وهذا حقه عليهم- ويطالبهم بضرورة الفهم ومحاولة التطبيق لهذه النظريات، من أجل خدمة بلده الأولى مصر -رغم أنف جنسيته الثانية الأمريكية- إلا أن صالون "زويل" الثقافي -كما أطلقت عليه دار الأوبرا المصرية تقديرا لدوره البارز- الذي تم مساء الاثنين 16 فبراير 2009 كان له مذاق مختلف وبريق آخر مقارنة بالسنوات الماضية!
ربما لأن الأمسية الثقافية الفنية التي يعقدها "زويل" هذا العام تتزامن مع مرور 10 سنوات على فوزه بجائزة نوبل في فرع الكيمياء عام 1999، وربما لأن عنوان هذه الأمسية كان "ثروات الأمم وثورة الفكر"، وربما لأنه قد اقترب من الفوز بجائزة نوبل للمرة الثانية في "الميكروسكوب رباعي الأبعاد" الذي اخترعه هو وفريقه مؤخراً، وربما لأسباب أخرى لن تعرفها إلا إذا قرأت هذا التقرير حتى نهايته.
منكل فئات الشعب الكل جاء قبل الموعد بساعات طويلة لحجز مقعد متقدم في الصفوف الأولى -ولا أحد يجرؤ على التأخير- إلا أن اللافت للنظر هو كم الأتوبيسات التي جاءت متكدسة حتى آخرها بطلاب المدارس والشباب الجامعي للتواجد في حضرة الأستاذ، وكأن الذهاب لرؤيته رحلة تفوق في متعتها رحلات مدينة الملاهي التي تجذب الجميع!
شبابنا لسه بخير
كعادته، حضر د."زويل" في تمام السابعة مساءً -دون أي تأخير يمتد إلى ساعتين وثلاث ساعات كما يحدث في معظم الحفلات الغنائية مع كبار وصغار المطربين في آن واحد- ليصعد على خشبة المسرح وسط تصفيق حار، وقيام كل الحاضرين احتراماً ومهابة للعالم الكبير، بعد تقديمة أنيقة وموجزة من الكاتب الصحفي "أسامة هيكل" -المسئول عن إدارة الندوة- بالإضافة إلى الشاعر الكبير والكاتب الصحفي المرموق "فاروق جويدة" والعالم الكبير أيضاً د. "محمد غنيم" رائد زراعة الكلى في مصر والمفكر السياسي والاجتماعي الأستاذ "السيد ياسين" حيث صعد ثلاثتهم خشبة المسرح، وجلسوا في رحاب الأستاذ لمحاورته في كيفية ربط رؤيته والنظريات الغربية التي سيتحدث عنها، بالعلم والثقافة والمجتمع في مصر، لتبدأ الأمسية بقمم فكرية، وعلمية، وأدبية، وجمهور غفير تتنزل عليه الملائكة بالرحمة والسكينة
شعوب الليزر!
"ويلٌ لطالب العلم إذا رضي عن نفسه".. مقولة خالدة لعميد الأدب العربي د."طه حسين" استعارها د."زويل" في حفل تسليم جائزة نوبل، وعاد ليرددها من جديد على مسامع الجمهور الغفير، معلناً أنه لم ولن يشبع نهمه العلمي، وظمأه الثقافي، ومؤكداً أن سفينة العلم التي استقلها منذ بداية مشواره الحافل لن تكف عن الإبحار في الحضارة والمعرفة رغم عشرات الجوائز والمناصب التي تقلدها، ولم تكن آخرها "نوبل 99"، ثم أردف المثل الصيني الشهير: "أوقد شمعة خير لك من أن تلعن الظلام ألف عام" كأنسب مقولة تتناسب مع الوضع المصري - العربي الراهن، قبل أن يختار كتاب "ثروة الأمم" لعالم الاقتصاد الأسكتلندي "آدم سميث" الذي نشر عام 1776 في مطلع الثورة الصناعية وتناول العديد من الموضوعات الاقتصادية المهمة، موضحاً أن النهضة والتنمية صارت الآن منظومة لها 3 أضلاع رئيسية هي: "المهارات والذكاء" -مستشهداً بما يحدث في الصين وكوريا الجنوبية حيث العقول الذكية المنتجة- و"نظام الحكم وما يوفره من حرية للفرد في الإبداع" -مستشهداً بالديموقراطية الأمريكية وتوفيرها للمناخ المناسب للعلم والعلماء وحتى الأفراد العاديين في التفكير والاجتهاد- و"المناخ" الذي يمثل الطقس والتربة
قائلا إن الشعوب المنظمة في تكوينها شعوب قوية لها وحدة أشبه بشعاع الليزر، ولها تأثير، أما الدول اللاشكلية واللانظامية فهي كالمصباح الكهربي، ضوؤه به ذرات همجية غير متحدة، منتشرة في كل مكان، تضيء ولكنها بلا تأثير.. "اليوم يمكنني أن أقول إننا لو ضاعفنا ميزانية البحث العلمي عشرات المرات، فلن نتقدم؛ لأننا لا نملك الكوادر العلمية والاستراتيجية التي توظف العلم والاقتصاد والثقافة في خدمة مشروعات تنمية الأمة"
الاختلاف في 0.01%!
واستشهد الدكتور "زويل" بخريطة الجينات التي تفسر وتوضح كل الجينات الموجودة في الجسم البشري ودور العلم في اكتشافها وفك شفراتها، حتى أنه وقت اكتشافها كانت ثورة علمية رهيبة تحدث عنها الرئيس الأمريكي وقتها "بيل كلينتون" إذ من خلالها تم اكتشاف أن جينات البشر تتشابه بنسبة 99.99 % وأن كل هذه الفروق في الذكاء والقوة والصحة والشكل بين البشر تكمن في نسبة الاختلاف التي لا تتعدى 0.01%؛ إذ تحتوي خريطة الجينات على 3 مليار كلمة جينية، يكفي اختلاف كلمة جينية واحدة فقط في حدوث تطورات وتغييرات رهيبة في جسم الإنسان على المدى القريب والبعيد، وتساءل بهدوء: "لماذا يصاب أحدهم بسرطان الثدي ويصاب آخر مثلا بسرطان البروستاتا؟ وما الفرق بين هذا السرطان وذاك؟ إنها الجينات -أيها السادة- التي يؤدي خلل في كلمة واحدة من إجمالي 3 مليار كلمة إلى حدوث ذلك!"، وأوضح "زويل" أن تكلفة فك شفرة الكلمة الجينية -في البداية- كان يتكلف دولاراً واحداً، أي أنه لفك الشفرة الجينية لكل إنسان فإنه يحتاج إلى ثلاثة مليار دولار لفك شفرة الثلاثة مليار كلمة جينية الموجودة في حبله الجيني، إلا أنه مع المزيد من الأبحاث والدراسات وربط العلم بالاقتصاد أصبح الآن في وسع أي إنسان أن يفك شفرات خريطته الجينية بأقل من ألف دولار، وما زال هذا المبلغ في تناقص مستمر مع تطور العلم وربطه بالاقتصاد
مخك.. ميدان التحرير!
الأمر نفسه يحدث مع تطور اختراعه الجديد "الميكروسكوب رباعي الأبعاد" الذي يتبحر في الذرة إلى درجات فائقة ويصور ما يحدث فيها بأبعاد رباعية، حتى أن شعرة من رأس الإنسان سيجعلها هذا الميكروسكوب كما لو كانت جسماً ضخماً ذا أبعاد رباعية مما يزيد من احتمالية كشف أسرار الذرة -أي ذرة- في كل المجالات والمواد التي تدخل فيها الذرة، سواء من الناحية الطبية، أو الفلكية، أو العسكرية، أو أي ناحية أخرى.
وحول ربط الجينات بالذرة، أكد د."زويل" أن الجينات البشرية ترتبط بالذرة ارتباطاً وثيقاً وضرب مثالاً طريفاً قائلاً: "شوف عندك إشارة زي إشارة التحرير مثلاً بتبقى زحمة ازاي، فما بالك إن المخ بتاع حضرتك فيه أكتر من 10 بليون إشارة عصبية، لو جين واحد حصل فيه خلل كل الإشارات دي هتتأثر، وهو ده دور العلم في منع حدوث هذا الخلل".
نحن في عصر الـ power brain!
تصفيق حادٌّ يصم الآذان يدوي في قاعة المسرح، ويهز أرجاء دار الأوبرا بأكملها، بعد أن ولدت كلمات الأستاذ قدراً رهيباً من الطاقة في عقول المستمعين الذين لم يجدوا حلاً لتفريغ كل هذا الحماس الذي دب في وجدانهم وأوصالهم إلا بالتصفيق، قبل أن يواصل د."زويل" كلامه قائلاً: "لو نظرنا إلى تطور الحضارة الإنسانية لوجدنا أنها بدأت من العضلات عندما كانت تقوم على الزراعة، ومع تطور العصور وحدوث الثورة الصناعية تم تنحية العضلات جانباً واتجهنا إلى الاعتماد على المهارات مثل مهارة تشغيل الماكينات، وقيادة المقطورات والجرارات، وتصنيع الأدوات، أما الآن فنحن في عصر قوة العقل فيما يعرف بالـpower brain".
رصد الكواكب.. والجنود الآليين
بعد ذلك أبحر د."زويل" في شرح أحدث التطورات العلمية التي تعتبرها دول العالم الثالث مجرد كماليات ورفاهيات لا ضرورة لها، مثل إنفاق الولايات المتحدة مبلغ بليون دولار من أجل إنشاء تليسكوب به عدسة ضخمة يصل قطرها إلى 30 متر، مما يعطي الفرصة إلى رصد ومتابعة الفلك، والعودة لتاريخ الكواكب والنجوم بما يصل إلى ملايين السنين، إذ تكفل أحد رجال الأعمال بدفع ما يقرب من 20% من إجمالي التكلفة، مما يؤكد أن الأمر له ضرورته وأهميته بالإضافة إلى الفائدة الاقتصادية التي ستعود على أصحاب المشروع، وهو استكشاف موارد جديدة للطاقة في هذه الكواكب واستخراج الثروات الطبيعية منها، فقد يدفعنا كوكب من الكواكب إلى مئات السنين للأمام باكتشاف مورد طاقة جديد أو معادن لا وجود لها على كوكب الأرض، إذن الأمر ليس مجرد رفاهية دول متحضرة تلهو في الفضاء الخارجي بقدر ما هي تسعى لفرض زعامتها على الكون، وتسخير كواكبه ومجراته في خدمة مشاريعها وخططها.
انتقل بعدها د."زويل" إلى شرح التطور الميكانيكي المرتبط بالذرة، حيث دخل كوكب الأرض عصراً جديداً اسمه "الميكانيكا الذريةMechanic Quantum " والذي يربط تطورات وأبحاث الذرة بالطاقة الميكانيكية التي تتحكم في حركات الآلات والأجهزة، وهو التطور الطبيعي للميكانيكا الكلاسيكية التي اكتشفها "نيوتن"، ثم نظر د."زويل" في أعين الحاضرين بتركيز وضغط على حروفه بطريقة مقصودة أضفت دلالة خاصة على كلماته وهو يقول: "هل يتوقع أحدكم أن تنفق الولايات المتحدة الأمريكية 75% من اقتصادها على أبحاث ودراسات الـMechanic Quantum؟ الأمر إذن له أهميته القصوى في المستقبل؛ إذ ستتيح الـMechanic Quantum إنتاج الجنود الآليين الذين يدخلون ساحات الحرب ويحققون الأهداف المطلوبة بنسب نجاح عالية للغاية دون إهدار الدماء والأرواح، حيث من الممكن إدارة الحروب والمعارك كلها عن بُعد بضغطات زر بسيطة، بخلاف تصنيع الروبوت الذكي القادر على خدمة الإنسان وتنفيذ أوامره بمنتهى الدقة".
نظرت حولي أتأمل الوجوه بعد هذه القنبلة التي فجَّرها د."زويل" بالأرقام والمعلومات، لأجد العيون متسعة والأفواه مفغورة بشكل كوميدي مؤسف فيما يعرف بالكوميديا السوداء على مصيبتنا وأحوال أمتنا المتخلفة، وعلامات الاستفهام والتساؤلات تحلِّق فوق الرؤوس، حتى أن الشاعر "فاروق جويدة" والعالم د."محمد غنيم" والمفكر أستاذ "السيد ياسين" وهم من صفوة الحاضرين لم تختلف ردود أفعالهم وملامح وجوههم عن باقي الموجودين
"انظروا معي إلى أحداث غزة المؤسفة، وما حدث فيها من خسائر تكنولوجية رهيبة لأمتنا بعيداً عن المجازر البشرية التي تعرضنا لها؛ إذ أثبت الجيش الإسرائيلي أن لديه تكنولوجيا عسكرية فائقة بفعل التطور التكنولوجي وأبحاث الذرة التي اهتم بها، حتى صار في إمكانه تصنيع قنابل تعمل على تجميع ملايين الشرائح الإلكترونية الصغيرة للغاية حتى أنها تكاد لا ترى بالعين المجردة، والعمل على تفجيرها في ساحات المعركة، بحيث تنفجر هذه الشرائح التي تم تصنيعها بتكنولوجيا الذرة، وتنطلق بسرعات فائقة دون أن يراها أحد ثم يفاجأ الفلسطينيون الأبرياء بأجسادهم تتمزق دون أن يفهموا ما يحدث؛ إذ إنهم لم يسمعوا عن هذا النوع من القنابل من قبل، هذا بخلاف القدرة على تصنيع الفيروسات بواسطة أبحاث الذرة والعمل على نشرها بقنابل معينة تصيب الأمة بأكملها بأعتى وأشد أنواع الأمراض".. هكذا خرجت الكلمات الصادمة لتنفجر في عقولنا ثم نظرت حولي كالمعتاد، إلا أن ردود الفعل وملامح الوجوه هذه المرة فاقت أي وصف يمكن أن يصف مدى التأثر والصدمة.
إنترنت عبر الذرات
"نتابع كل يوم كل ما هو جديد على شبكة الإنترنت، لكن هل يمكننا أن نتخيل أن الذرة ستدخل في صناعة نوع جديد من الإنترنت، اسمه "الإنترنت عبر الذرات Quantum internet" حيث سيتم الاعتماد على أبحاث وصناعة الذرة في تحميل المعلومات والبيانات على ذرات الهواء المتأينة، وإرسالها عبر الضوء والهواء من مكان إلى مكان في كل أنحاء العالم مما يضاعف من سرعة الإنترنت وتحميل البيانات والملفات، لكنه سيقضي حتماً على مفهوم الخصوصية الشخصية على الإطلاق؛ إذ سيتم الاطلاع على كافة المعلومات المنقولة وعلى الجميع أن يعلم أن أمر حذف أي إيميل لن يعني حذفه بالمعنى المطلوب بل نقله إلى مكان آخر خفي، وغير معلوم"، وأضاف د."زويل" ضاحكاً: "سيكون في وسع طفل عمره 14 عاماً الاطّلاع على خصوصياتنا، إلا أنني رغم كل ذلك ما زال لديَّ التفاؤل؛ إذ إن نظرة متعمقة في تاريخ مصر على مر العصور، سنجد أن منحنيات التفوق والتحضر تعلو وتنخفض بشكل معتدل، مما يعني أننا كنا وما زلنا نتحضر ونتقدم ثم نهبط ونتأخر و(تلك الأيام نداولها بين الناس) فما زال الأمل قائماً، إذ إن عصور أوروبا المظلمة المتخلفة كانت أحوالها أسوأ من أوضاعنا الراهنة بكثير، ومع ذلك نجحت في أن تعتلي المقدمة سريعاً، وكذلك كوريا الجنوبية واليابان والهند وغيرهم من الدول، مما يؤكد أن لدينا أملا في التقدم غداً، ويكفينا فخراً كل هذا الكم الضخم من الشباب الذين جاءوا ليعبروا عن وعيهم ورغبتهم في التقدم، وطموحهم، مما يؤكد أن شبابنا بخير وليس مغيباً أو ضائعاً كما يدعي البعض".
ثم كانت كلمات النهاية الملخصة الموجعة المبشرة: "حتى الآن، وبعد مرور 10 أعوام على فوزي بجائزة نوبل، لا أعرف حيثياتهم ومبرراتهم لمنحي الجائزة؛ إذ إن هذه الأسباب لا تعلن إلا بعد مرور 50 عاماً من الفوز بالجائزة، أي أمامي 40 عاماً حتى أدخل الأرشيف وأطّلع على مبرراتهم ووجهة نظرهم الخاصة في منحي الجائزة، والسبب في ذلك هو رغبتهم في عدم خلق نوع من الجدل والنقاش غير البنّاء بين الجماهير، وهذه أحد أهم أسباب تراجعنا إذ إن معظم مثقفينا ما زالوا حتى الآن منغمسين في الماضي، ويراجعون السيرة الذاتية للزعماء ويثيرون الأقاويل والنقاشات الساخنة حول انتماءات رموز الماضي، وهل كانوا اشتراكيين أو شيوعيين أو رأسماليين أو تقدميين، بينما لا نملك للحاضر أو المستقبل سوى الكلام.. حذار إن التاريخ لن يرحمنا، وسيكشف كل منا على حقيقته، والويل إذا ما أثبت أننا لم نقدم سوى الكلام"
لم يعد جديداً أن أكرر أن القاعة ضجت بالتصفيق بشكل فاق كل التوقعات، قبل أن يتسلم د."زويل" درع التكريم من دار الأوبرا المصرية، ثم انتقلت الأمسية من جانبها الثقافي العلمي إلى الجانب الوجداني عندما سلم د."زويل" الشاب "إسلام" جائزة د."زويل" للفنون والدرع الخاص بها ضمن تكريم صاحب أفضل موهبة فنية يتم اختيارها من بين عدد كبير من المتسابقين والمتسابقات يتم تصفيتهم عن طريق اختبارات في غاية الصعوبة، من لجنة أعضاء تشكلها دار الأوبرا المصرية، ليثبت د."زويل" أن بداخله العالم المصري الأصيل الذي يجمع بين قواعد وقوانين العلم الذي يستمع له ويتابعه الآلاف من الجماهير، وتذوق الفن الرفيع الذي يجلس هو للاستماع إليه مثل باقي المستمعين على مقاعد الجمهور