أن تكون حضناً طول العمر وكيس جوافة في آخِره!!
الجو خريفي مائل للحرارة.. والشمس تفكر في الغروب عن الدنيا.. وستائر النسيان منسدلة على الشبابيك. ولا يقطع هذا الهدوء الممل إلا سرسعة لعبة مطاطية بدائية في يد طفلة. أي نعم.. اللعبة التي تصدر صوتاً سخيفاً عندما تضغط عليها. وبينما الجو كذلك يصرخ التليفون... تررررررررررن:
- ألو.. أيوه يا فايزة.. ازيك؟
- مين معايا؟
- مين..؟؟ بتقولي لي مين يا (تييييييييييت)؟؟؟ بدل ما ترفعي إنت السماعة وتقولي لي ازيك يا ماما؟ بتقولي لي مين بدل ما تعدي عليّ الصبح وإنت نازلة السوق عشان تشوفيني عايزة حاجة ولاّ لأ؟ مفيش مرة إنتِ والبيه بتاعك تعدوا عليّ وإنتم خارجين من نفسكم كده؟! مفيش مرة تقولي له تعال نشوف ماما؟؟! لازم تنسي صوتي طبعاً..
ويتهدج صوت طنط "فريدة" وتحاول السيطرة على دموعها.. ولأن الغلبة ستكون لدموعها ولا تريد زوجة ابنها أن تشعر بذلك، أمرَتها بحدة:
- اديني الـ(تييييييييييت).. الكلام معاه هو..
تُناوِل (تييييييييييت).. أقصد "فايزة".. السماعة للـ(تييييييييييت) الثاني "راضي" بعد أن صدّرت له وجه امتعاض مثل "مارد كورتي البعبع" في فيلم كارتون "المخوفتية أو شركة المرعبين المحدودة". ولأن "راضي" يحب "فايزة" ولا أحد سواها امتعض هو الآخر وتحفز مثل "شلبي سلوفان". ويرد عليها بثقل:
- أيوه يا ماما..
- أيوه..؟! جات لك أيوه في عينك.. كده يا واد.. أشوفكم دلوقت وأنا في البلكونة معديين مش هاين عليك تعدي علينا تشوفنا منيلين إيه في الدنيا؟؟ ده إنت مش هاين عليك ترفع راسك وتشوف البلكونة مفتوحة ولاّ مواربة.. والهبلة شافتني وشاورت بصباعها اللي عايز يتقطع.. ده أنا لي 5 أيام يا (تييييييييييت) ماشفتش البنت "فريدة" بنتك.. وحشتني.. يا (تييييييييييت)..
إهئ إهئ إهئ إهئ إهئ إهئ..
وتنخرط الأم في بكاء مرير بينما كانت "فايزة" تنخرط في مصمصة شفايف ماركة "قندل" –أيوة المخوفاتي اللي يشبه السحلية اللي كان بيخوف "بوو"-.
هي "فايزة" وهو "راضي"!
كان "راضي" في الإعدادية عندما وقعت عينه على "فايزة" بنت الجيران وهي تجري على السلم لتلحق بأخته "سارة" وتشد شعرها لتأخذ منها العروسة. صحيح وقف بجانب أخته وصحيح علّم "فايزة" كيف تأخذ ما لها بأسلوب محترم وقال لـ"سارة" ألاّ تأخذ منها عروستها مرة أخرى وألاّ تلعب معها، وصحيح أن وجوده منع حدوث خناقة عيالي ماركة "أبو رجل مسلوخة". لكن عينه كانت ستخرج من محجرها –يعني تجويفها في علم التشريح- وهي طالعة السلم مع عروستها ذات الذراع مكسورة والعين المفقأة.
وأخذ "راضي" الإعدادية وعينه لا تزال تحتفظ في بؤبئها أو (ننها) أو بالعلمي إنسان العين -أيوة في التشريح برضه- بصورتها وهي طالعة السلم تحتضن عروستها بالذراع مكسورة والعين المفقأة. وفي امتحانات الثانوية العامة قرر –كما قرر ألاّ يدخل أي كلية قمة- أن "فايزة" هي شريكة حياته ولا بنت سواها.
و"حبوا بعضهن" على رأي السيدة "فيروز". وتحول موضوع ارتباطهم من قصة يتفكَّه بها والداه وتسخر منها والدة "فايزة" وتُخبِّئها عن والدها، ويتهامس بها أولاد وبنات الجيران إلى أمر واقع ورسمي. ودقت الطبول –ليس إعلاناً للحرب- ولكن لإعلان أن جواز "راضي" بـ"فايزة" حاصل.
ولأن "راضي" كافح وجاهد إكراماً لعيون "فايزة" التي رضي بها وفازت به، كان من واجبها أن تكون حَمولة وصبورة وتحافظ على حبه حتى يجمعهما بيت. أقول (واجبها) واخدين بالكم؟.. ومع إنه واجبها، فمن حقها أيضاً أن تؤجر عليه مثلما نؤجر بالحسنات على الصلاة وهي فريضة علينا. لكن "راضي" إمعاناً في حبها وتكريماً لها، أراد أن يتوجها ملكة، ليس على عرشه وحده ولكن على عرش كل أسرته ووالديه!!
أن يصير الأهل كيس جوافة معطوبة!
الجو خريفي مائل للحرارة.. والشمس تفكر في الغروب عن الدنيا.. وستائر النسيان منسدلة على الشبابيك. ولا يقطع هذا الهدوء الممل إلا سرسعة لعبة مطاطية بدائية في يد طفلة. أي نعم.. اللعبة التي تصدر صوتاً سخيفاً عندما تضغط عليها. وبينما الجو كذلك يصرخ التليفون... تررررررررررن:
- ألو.. أيوه يا فايزة.. ازيك؟
- مين معايا؟
- مين..؟؟ بتقولي لي مين يا (تييييييييييت)؟؟؟ بدل ما ترفعي إنت السماعة وتقولي لي ازيك يا ماما؟ بتقولي لي مين بدل ما تعدي عليّ الصبح وإنت نازلة السوق عشان تشوفيني عايزة حاجة ولاّ لأ؟ مفيش مرة إنتِ والبيه بتاعك تعدوا عليّ وإنتم خارجين من نفسكم كده؟! مفيش مرة تقولي له تعال نشوف ماما؟؟! لازم تنسي صوتي طبعاً..
ويتهدج صوت طنط "فريدة" وتحاول السيطرة على دموعها.. ولأن الغلبة ستكون لدموعها ولا تريد زوجة ابنها أن تشعر بذلك، أمرَتها بحدة:
- اديني الـ(تييييييييييت).. الكلام معاه هو..
تُناوِل (تييييييييييت).. أقصد "فايزة".. السماعة للـ(تييييييييييت) الثاني "راضي" بعد أن صدّرت له وجه امتعاض مثل "مارد كورتي البعبع" في فيلم كارتون "المخوفتية أو شركة المرعبين المحدودة". ولأن "راضي" يحب "فايزة" ولا أحد سواها امتعض هو الآخر وتحفز مثل "شلبي سلوفان". ويرد عليها بثقل:
- أيوه يا ماما..
- أيوه..؟! جات لك أيوه في عينك.. كده يا واد.. أشوفكم دلوقت وأنا في البلكونة معديين مش هاين عليك تعدي علينا تشوفنا منيلين إيه في الدنيا؟؟ ده إنت مش هاين عليك ترفع راسك وتشوف البلكونة مفتوحة ولاّ مواربة.. والهبلة شافتني وشاورت بصباعها اللي عايز يتقطع.. ده أنا لي 5 أيام يا (تييييييييييت) ماشفتش البنت "فريدة" بنتك.. وحشتني.. يا (تييييييييييت)..
إهئ إهئ إهئ إهئ إهئ إهئ..
وتنخرط الأم في بكاء مرير بينما كانت "فايزة" تنخرط في مصمصة شفايف ماركة "قندل" –أيوة المخوفاتي اللي يشبه السحلية اللي كان بيخوف "بوو"-.
هي "فايزة" وهو "راضي"!
كان "راضي" في الإعدادية عندما وقعت عينه على "فايزة" بنت الجيران وهي تجري على السلم لتلحق بأخته "سارة" وتشد شعرها لتأخذ منها العروسة. صحيح وقف بجانب أخته وصحيح علّم "فايزة" كيف تأخذ ما لها بأسلوب محترم وقال لـ"سارة" ألاّ تأخذ منها عروستها مرة أخرى وألاّ تلعب معها، وصحيح أن وجوده منع حدوث خناقة عيالي ماركة "أبو رجل مسلوخة". لكن عينه كانت ستخرج من محجرها –يعني تجويفها في علم التشريح- وهي طالعة السلم مع عروستها ذات الذراع مكسورة والعين المفقأة.
وأخذ "راضي" الإعدادية وعينه لا تزال تحتفظ في بؤبئها أو (ننها) أو بالعلمي إنسان العين -أيوة في التشريح برضه- بصورتها وهي طالعة السلم تحتضن عروستها بالذراع مكسورة والعين المفقأة. وفي امتحانات الثانوية العامة قرر –كما قرر ألاّ يدخل أي كلية قمة- أن "فايزة" هي شريكة حياته ولا بنت سواها.
و"حبوا بعضهن" على رأي السيدة "فيروز". وتحول موضوع ارتباطهم من قصة يتفكَّه بها والداه وتسخر منها والدة "فايزة" وتُخبِّئها عن والدها، ويتهامس بها أولاد وبنات الجيران إلى أمر واقع ورسمي. ودقت الطبول –ليس إعلاناً للحرب- ولكن لإعلان أن جواز "راضي" بـ"فايزة" حاصل.
ولأن "راضي" كافح وجاهد إكراماً لعيون "فايزة" التي رضي بها وفازت به، كان من واجبها أن تكون حَمولة وصبورة وتحافظ على حبه حتى يجمعهما بيت. أقول (واجبها) واخدين بالكم؟.. ومع إنه واجبها، فمن حقها أيضاً أن تؤجر عليه مثلما نؤجر بالحسنات على الصلاة وهي فريضة علينا. لكن "راضي" إمعاناً في حبها وتكريماً لها، أراد أن يتوجها ملكة، ليس على عرشه وحده ولكن على عرش كل أسرته ووالديه!!
أن يصير الأهل كيس جوافة معطوبة!
أعتقد أنني لست في حاجة لإكمال سيناريو الحدوتة. ليس فقط لأن الكثير منا على معرفة بها سواء عايشها أو سمع عنها، بل لأن للحدوتة نفسها عدة سيناريوهات. جميعها تنويعات على فكرة واحدة.. ألا وهي اتخاذ الأبناء لموقف غير ودود وأحياناً سيئ وعدائي مع الأهل والانحياز المفرط للزوجة أو الزوج. وغالباً ما يكون هذا الموقف والانحياز من قبل الزوج-الابن لزوجته لعدة أسباب، منها أنه يريد أن يستقل تماماً بحياته عن الأهل خصوصاً إن كان يسكن بالقرب منهم، ومنها أن موقفه هذا من وجهة نظر البعض هو تمام الرجولة حيث إن ما يمس امرأته يمسه هو، وكل شيء قد يأتي على كرامتها يهين كرامته هو. ولكي أكون منصفة، يوجد سبب آخر مهم جداً وهو غيرة البنات واستمراء الزوجة لهذا الموقف واستغلاله لصالحها ومن البنات من تقدر على فعل ذلك دون أن تنبس بكلمة.. بالضبط كما فعلت "فايزة" وهي تناول "راضي" السماعة!
فوق كل البشر!
كان خطيب "سارة" أخت "راضي" الصغرى وأسرته في زيارة أسرة "راضي". مما يعني أن تتواجد الأسرة كلها. ولم يكن موجوداً في مصر غير "راضي" و"سارة"، فالأخت الكبرى مسافرة مع زوجها تبع عمله، والأخ الأكبر كذلك في سفرية عمل. ومن المفترض أن "فايزة" ابنة ثالثة وفرد من أفراد الأسرة وعليها أن تشارك وتساعد حتى في وجود كل البنات. ومع أن "سارة" ووالدتها أعدتا كل شيء للضيافة ورصتا الأكواب ووزعتا الحلويات على الأطباق حسب العدد ولا يتبقى إلا أن يتم نقل الصواني من المطبخ –وبالمناسبة قريب جداً ويادوب مواصلة واحدة!- إلى الصالون، ظلّت "فايزة" مكانها في انتظار من يسألها: "تحبي تشربي إيه حضرتك؟
وقعت "سارة" في براثن حماتها التي ليست في مثل طيبة حماة "فايزة"، ولم تتمكن من الفكاك منها. فلم تستطع أن تستأذن لتقم بواجب الضيافة الثاني –الذي يكون عادة شاي وحلوى- كما قامت بالواجب الأول اللي غالباً ما يكون عصير طازج أو حاجة ساقعة-. وبدلاً من أن يستهجن "راضي" أفندي جلوس "فايزة" هكذا كالكرسي الذي تجلس عليه ويحدجها بنظرة فتقوم وتفزّ جرياً على المطبخ، سأل والدته في حضور زوجته:
- إيه يا ماما.. مش هنقدم حاجة للناس؟!
صحيح أن "فايزة" استحملت "راضي" ووقفت معه حتى كوّن نفسه، وصحيح أن "راضي" راضي جداً بـ"فايزة" وسعيد بها. لكن ذلك لا يبرر وضعه لها في خانة الأنبياء وفوق كل البشر.. كل البشر!
الأصول
لن أتكلم عن التحليل النفسي السيكولوجي المتغلغل في أعمق أعماق النفس البشرية الملتوية. ولن أفسر العقدة الميتافيزيوبولنية التي تدفع الأم لبعض التصرفات غير المفهومة تجاه زوجة ابنها. ولن أتكلم عن غيرة الزوجات الحمقاء –الغيرة مش البنات!- التي تجعلها تستشيط غيظاً إذا وجدت زوجها قد عاد لوضع الجنين في بطن أمه أو اقترب منه! إنما سأتكلم عن الأصول.
الأصول التي اتفقت عليها كل الأديان وأقررناها وجعلناها عُرفاً لنا يميزنا عن باقي الشعوب. الأصول التي لخصها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه في مسند أحمد بن حنبل: "ليس من أمتي من لم يُجِـلّ كبيرنا".
صحيح أن من حق أي زوجة أن تكون معززة مكرمة. ومن حق كل زوج أن يعشق زوجته وتكون حياته كلها حتى لو يقول لها: "إنتِ ماما وإنتِ بابا وإنتِ نور الكون ده كله" باعتبارها شمس حارقة.. هو حُر لكن ليس على حساب ماما وبابا الأصليين. من حقه أن يتوج زوجته ملكة خصوصاً إذا كان لها معه دور مهم في حياته وحتى إن لم يكن لها دور –هو حر برضه.. لكن ملكة على حياته هو وليس حياة أسرته الأصلية. وبالذات الوالدين، الأم والأب. وليس من الصحيح ما يفعله البعض بفصل حياتهم تماماً عن حياة أسرتهم بما في ذلك اختراق للأصول وعدم البرّ بهم. إذا كان من البر بالوالدين أن نصل من كانوا يصلونهم ويحبونهم.. فما بالك بمنع زوجاتنا وأولادنا من التواصل معهم والبر بهم؟؟!
قد ترتفع بعض أصوات القراء وبالأخص القارئات بأن مساوئ الاختلاط بأهل الزوج أكثر من محاسنه. والباب الذي يأتي منه الريح، سده واستريح! وأنا أتفق معهن في حالة إذا كان يوجد تدخل سافر في تفاصيل حياتها وكثيراً ما يحدث بالمناسبة في السنين الأولى من الزواج. لكن لا نعالج السيئة بسيئة مثلها خصوصاً إذا علمنا أن دافع السيئة الأولى غالباً ما يكون الحرص والخوف على أبناء دخلوا حياة جديدة وكانوا بالأمس لا يستطيعون النوم في غير أحضان الوالدين. وأياً كانت الأسباب التي ستقودها كل واحدة لتبرر مواقفها التي تشبه مواقف "فايزة" الـ(تييييييييييت)، هناك أصول تربينا عليها لا يمكن أن ننقضها مهما كانت الظروف.
ولن أدّعي أن كل أمهات الأزواج طيبات مثل طنط "فريدة". ومنهن من تتجسد فيهن مفهوم الحماة كما قدمته الأفلام من أيام الأبيض والأسود، بل أضيف أن منهن من لا تتمتع بخفة دم "ماري منيب" أشهر حماة في السينما المصرية. لكنها في الأول والآخر أم؛ أم الزوج، وجدة الأبناء إن شاء الله، وهي قبل كل ذلك كبيرة في السن. فلها من الزوجة كل حقوق الأم، وكل حقوق الكبار، وكل حقوق صلة الرحم.
نفس الأمر ينطبق على الخطأ الذي تقع فيه كثيرات من الزوجات حينما يعقدن مقارنات بينهن وبين أم زوجها وأخته. ولن أخوض في تفاصيل هذا الأمر المُخرِّب حقاً للبيوت والأنفس. لكن سأقول إنه كما أن لكل مقام مقال، فلكل إنسان مكانته ودوره الذي لا يقوم به أحد آخر خصوصاً داخل الأسرة الواحدة. ومن السفاهة أن تشغل أي إنسانة نفسها بـ: هو بيحب مين أكتر.. أنا ولاّ مامته ولاّ أخته؟!!
هذا السؤال هو نفس السؤال المستفز الذي يطرحه مذيع مبتدئ متعين بواسطة ولا يملك حضوراً ولم يُعدّ للحوار جيداً وليس لبقاً على ضيفه المسئول الكبير عن أي أبنائه أحب إليه.. البكري أم آخر العنقود؟!!
الجو خريفي مائل للحرارة.. والشمس تفكر في الغروب عن الدنيا.. وستائر النسيان منسدلة على الشبابيك. ولا يقطع هذا الهدوء الممل إلا سرسعة لعبة مطاطية بدائية في يد طفلة. أي نعم.. اللعبة التي تصدر صوتاً سخيفاً عندما تضغط عليها. وبينما الجو كذلك يصرخ التليفون... تررررررررررن:
- ألو.. أيوه يا فايزة.. ازيك؟
- مين معايا؟
- مين..؟؟ بتقولي لي مين يا (تييييييييييت)؟؟؟ بدل ما ترفعي إنت السماعة وتقولي لي ازيك يا ماما؟ بتقولي لي مين بدل ما تعدي عليّ الصبح وإنت نازلة السوق عشان تشوفيني عايزة حاجة ولاّ لأ؟ مفيش مرة إنتِ والبيه بتاعك تعدوا عليّ وإنتم خارجين من نفسكم كده؟! مفيش مرة تقولي له تعال نشوف ماما؟؟! لازم تنسي صوتي طبعاً..
ويتهدج صوت طنط "فريدة" وتحاول السيطرة على دموعها.. ولأن الغلبة ستكون لدموعها ولا تريد زوجة ابنها أن تشعر بذلك، أمرَتها بحدة:
- اديني الـ(تييييييييييت).. الكلام معاه هو..
تُناوِل (تييييييييييت).. أقصد "فايزة".. السماعة للـ(تييييييييييت) الثاني "راضي" بعد أن صدّرت له وجه امتعاض مثل "مارد كورتي البعبع" في فيلم كارتون "المخوفتية أو شركة المرعبين المحدودة". ولأن "راضي" يحب "فايزة" ولا أحد سواها امتعض هو الآخر وتحفز مثل "شلبي سلوفان". ويرد عليها بثقل:
- أيوه يا ماما..
- أيوه..؟! جات لك أيوه في عينك.. كده يا واد.. أشوفكم دلوقت وأنا في البلكونة معديين مش هاين عليك تعدي علينا تشوفنا منيلين إيه في الدنيا؟؟ ده إنت مش هاين عليك ترفع راسك وتشوف البلكونة مفتوحة ولاّ مواربة.. والهبلة شافتني وشاورت بصباعها اللي عايز يتقطع.. ده أنا لي 5 أيام يا (تييييييييييت) ماشفتش البنت "فريدة" بنتك.. وحشتني.. يا (تييييييييييت)..
إهئ إهئ إهئ إهئ إهئ إهئ..
وتنخرط الأم في بكاء مرير بينما كانت "فايزة" تنخرط في مصمصة شفايف ماركة "قندل" –أيوة المخوفاتي اللي يشبه السحلية اللي كان بيخوف "بوو"-.
هي "فايزة" وهو "راضي"!
كان "راضي" في الإعدادية عندما وقعت عينه على "فايزة" بنت الجيران وهي تجري على السلم لتلحق بأخته "سارة" وتشد شعرها لتأخذ منها العروسة. صحيح وقف بجانب أخته وصحيح علّم "فايزة" كيف تأخذ ما لها بأسلوب محترم وقال لـ"سارة" ألاّ تأخذ منها عروستها مرة أخرى وألاّ تلعب معها، وصحيح أن وجوده منع حدوث خناقة عيالي ماركة "أبو رجل مسلوخة". لكن عينه كانت ستخرج من محجرها –يعني تجويفها في علم التشريح- وهي طالعة السلم مع عروستها ذات الذراع مكسورة والعين المفقأة.
وأخذ "راضي" الإعدادية وعينه لا تزال تحتفظ في بؤبئها أو (ننها) أو بالعلمي إنسان العين -أيوة في التشريح برضه- بصورتها وهي طالعة السلم تحتضن عروستها بالذراع مكسورة والعين المفقأة. وفي امتحانات الثانوية العامة قرر –كما قرر ألاّ يدخل أي كلية قمة- أن "فايزة" هي شريكة حياته ولا بنت سواها.
و"حبوا بعضهن" على رأي السيدة "فيروز". وتحول موضوع ارتباطهم من قصة يتفكَّه بها والداه وتسخر منها والدة "فايزة" وتُخبِّئها عن والدها، ويتهامس بها أولاد وبنات الجيران إلى أمر واقع ورسمي. ودقت الطبول –ليس إعلاناً للحرب- ولكن لإعلان أن جواز "راضي" بـ"فايزة" حاصل.
ولأن "راضي" كافح وجاهد إكراماً لعيون "فايزة" التي رضي بها وفازت به، كان من واجبها أن تكون حَمولة وصبورة وتحافظ على حبه حتى يجمعهما بيت. أقول (واجبها) واخدين بالكم؟.. ومع إنه واجبها، فمن حقها أيضاً أن تؤجر عليه مثلما نؤجر بالحسنات على الصلاة وهي فريضة علينا. لكن "راضي" إمعاناً في حبها وتكريماً لها، أراد أن يتوجها ملكة، ليس على عرشه وحده ولكن على عرش كل أسرته ووالديه!!
أن يصير الأهل كيس جوافة معطوبة!
الجو خريفي مائل للحرارة.. والشمس تفكر في الغروب عن الدنيا.. وستائر النسيان منسدلة على الشبابيك. ولا يقطع هذا الهدوء الممل إلا سرسعة لعبة مطاطية بدائية في يد طفلة. أي نعم.. اللعبة التي تصدر صوتاً سخيفاً عندما تضغط عليها. وبينما الجو كذلك يصرخ التليفون... تررررررررررن:
- ألو.. أيوه يا فايزة.. ازيك؟
- مين معايا؟
- مين..؟؟ بتقولي لي مين يا (تييييييييييت)؟؟؟ بدل ما ترفعي إنت السماعة وتقولي لي ازيك يا ماما؟ بتقولي لي مين بدل ما تعدي عليّ الصبح وإنت نازلة السوق عشان تشوفيني عايزة حاجة ولاّ لأ؟ مفيش مرة إنتِ والبيه بتاعك تعدوا عليّ وإنتم خارجين من نفسكم كده؟! مفيش مرة تقولي له تعال نشوف ماما؟؟! لازم تنسي صوتي طبعاً..
ويتهدج صوت طنط "فريدة" وتحاول السيطرة على دموعها.. ولأن الغلبة ستكون لدموعها ولا تريد زوجة ابنها أن تشعر بذلك، أمرَتها بحدة:
- اديني الـ(تييييييييييت).. الكلام معاه هو..
تُناوِل (تييييييييييت).. أقصد "فايزة".. السماعة للـ(تييييييييييت) الثاني "راضي" بعد أن صدّرت له وجه امتعاض مثل "مارد كورتي البعبع" في فيلم كارتون "المخوفتية أو شركة المرعبين المحدودة". ولأن "راضي" يحب "فايزة" ولا أحد سواها امتعض هو الآخر وتحفز مثل "شلبي سلوفان". ويرد عليها بثقل:
- أيوه يا ماما..
- أيوه..؟! جات لك أيوه في عينك.. كده يا واد.. أشوفكم دلوقت وأنا في البلكونة معديين مش هاين عليك تعدي علينا تشوفنا منيلين إيه في الدنيا؟؟ ده إنت مش هاين عليك ترفع راسك وتشوف البلكونة مفتوحة ولاّ مواربة.. والهبلة شافتني وشاورت بصباعها اللي عايز يتقطع.. ده أنا لي 5 أيام يا (تييييييييييت) ماشفتش البنت "فريدة" بنتك.. وحشتني.. يا (تييييييييييت)..
إهئ إهئ إهئ إهئ إهئ إهئ..
وتنخرط الأم في بكاء مرير بينما كانت "فايزة" تنخرط في مصمصة شفايف ماركة "قندل" –أيوة المخوفاتي اللي يشبه السحلية اللي كان بيخوف "بوو"-.
هي "فايزة" وهو "راضي"!
كان "راضي" في الإعدادية عندما وقعت عينه على "فايزة" بنت الجيران وهي تجري على السلم لتلحق بأخته "سارة" وتشد شعرها لتأخذ منها العروسة. صحيح وقف بجانب أخته وصحيح علّم "فايزة" كيف تأخذ ما لها بأسلوب محترم وقال لـ"سارة" ألاّ تأخذ منها عروستها مرة أخرى وألاّ تلعب معها، وصحيح أن وجوده منع حدوث خناقة عيالي ماركة "أبو رجل مسلوخة". لكن عينه كانت ستخرج من محجرها –يعني تجويفها في علم التشريح- وهي طالعة السلم مع عروستها ذات الذراع مكسورة والعين المفقأة.
وأخذ "راضي" الإعدادية وعينه لا تزال تحتفظ في بؤبئها أو (ننها) أو بالعلمي إنسان العين -أيوة في التشريح برضه- بصورتها وهي طالعة السلم تحتضن عروستها بالذراع مكسورة والعين المفقأة. وفي امتحانات الثانوية العامة قرر –كما قرر ألاّ يدخل أي كلية قمة- أن "فايزة" هي شريكة حياته ولا بنت سواها.
و"حبوا بعضهن" على رأي السيدة "فيروز". وتحول موضوع ارتباطهم من قصة يتفكَّه بها والداه وتسخر منها والدة "فايزة" وتُخبِّئها عن والدها، ويتهامس بها أولاد وبنات الجيران إلى أمر واقع ورسمي. ودقت الطبول –ليس إعلاناً للحرب- ولكن لإعلان أن جواز "راضي" بـ"فايزة" حاصل.
ولأن "راضي" كافح وجاهد إكراماً لعيون "فايزة" التي رضي بها وفازت به، كان من واجبها أن تكون حَمولة وصبورة وتحافظ على حبه حتى يجمعهما بيت. أقول (واجبها) واخدين بالكم؟.. ومع إنه واجبها، فمن حقها أيضاً أن تؤجر عليه مثلما نؤجر بالحسنات على الصلاة وهي فريضة علينا. لكن "راضي" إمعاناً في حبها وتكريماً لها، أراد أن يتوجها ملكة، ليس على عرشه وحده ولكن على عرش كل أسرته ووالديه!!
أن يصير الأهل كيس جوافة معطوبة!
أعتقد أنني لست في حاجة لإكمال سيناريو الحدوتة. ليس فقط لأن الكثير منا على معرفة بها سواء عايشها أو سمع عنها، بل لأن للحدوتة نفسها عدة سيناريوهات. جميعها تنويعات على فكرة واحدة.. ألا وهي اتخاذ الأبناء لموقف غير ودود وأحياناً سيئ وعدائي مع الأهل والانحياز المفرط للزوجة أو الزوج. وغالباً ما يكون هذا الموقف والانحياز من قبل الزوج-الابن لزوجته لعدة أسباب، منها أنه يريد أن يستقل تماماً بحياته عن الأهل خصوصاً إن كان يسكن بالقرب منهم، ومنها أن موقفه هذا من وجهة نظر البعض هو تمام الرجولة حيث إن ما يمس امرأته يمسه هو، وكل شيء قد يأتي على كرامتها يهين كرامته هو. ولكي أكون منصفة، يوجد سبب آخر مهم جداً وهو غيرة البنات واستمراء الزوجة لهذا الموقف واستغلاله لصالحها ومن البنات من تقدر على فعل ذلك دون أن تنبس بكلمة.. بالضبط كما فعلت "فايزة" وهي تناول "راضي" السماعة!
فوق كل البشر!
كان خطيب "سارة" أخت "راضي" الصغرى وأسرته في زيارة أسرة "راضي". مما يعني أن تتواجد الأسرة كلها. ولم يكن موجوداً في مصر غير "راضي" و"سارة"، فالأخت الكبرى مسافرة مع زوجها تبع عمله، والأخ الأكبر كذلك في سفرية عمل. ومن المفترض أن "فايزة" ابنة ثالثة وفرد من أفراد الأسرة وعليها أن تشارك وتساعد حتى في وجود كل البنات. ومع أن "سارة" ووالدتها أعدتا كل شيء للضيافة ورصتا الأكواب ووزعتا الحلويات على الأطباق حسب العدد ولا يتبقى إلا أن يتم نقل الصواني من المطبخ –وبالمناسبة قريب جداً ويادوب مواصلة واحدة!- إلى الصالون، ظلّت "فايزة" مكانها في انتظار من يسألها: "تحبي تشربي إيه حضرتك؟
وقعت "سارة" في براثن حماتها التي ليست في مثل طيبة حماة "فايزة"، ولم تتمكن من الفكاك منها. فلم تستطع أن تستأذن لتقم بواجب الضيافة الثاني –الذي يكون عادة شاي وحلوى- كما قامت بالواجب الأول اللي غالباً ما يكون عصير طازج أو حاجة ساقعة-. وبدلاً من أن يستهجن "راضي" أفندي جلوس "فايزة" هكذا كالكرسي الذي تجلس عليه ويحدجها بنظرة فتقوم وتفزّ جرياً على المطبخ، سأل والدته في حضور زوجته:
- إيه يا ماما.. مش هنقدم حاجة للناس؟!
صحيح أن "فايزة" استحملت "راضي" ووقفت معه حتى كوّن نفسه، وصحيح أن "راضي" راضي جداً بـ"فايزة" وسعيد بها. لكن ذلك لا يبرر وضعه لها في خانة الأنبياء وفوق كل البشر.. كل البشر!
الأصول
لن أتكلم عن التحليل النفسي السيكولوجي المتغلغل في أعمق أعماق النفس البشرية الملتوية. ولن أفسر العقدة الميتافيزيوبولنية التي تدفع الأم لبعض التصرفات غير المفهومة تجاه زوجة ابنها. ولن أتكلم عن غيرة الزوجات الحمقاء –الغيرة مش البنات!- التي تجعلها تستشيط غيظاً إذا وجدت زوجها قد عاد لوضع الجنين في بطن أمه أو اقترب منه! إنما سأتكلم عن الأصول.
الأصول التي اتفقت عليها كل الأديان وأقررناها وجعلناها عُرفاً لنا يميزنا عن باقي الشعوب. الأصول التي لخصها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه في مسند أحمد بن حنبل: "ليس من أمتي من لم يُجِـلّ كبيرنا".
صحيح أن من حق أي زوجة أن تكون معززة مكرمة. ومن حق كل زوج أن يعشق زوجته وتكون حياته كلها حتى لو يقول لها: "إنتِ ماما وإنتِ بابا وإنتِ نور الكون ده كله" باعتبارها شمس حارقة.. هو حُر لكن ليس على حساب ماما وبابا الأصليين. من حقه أن يتوج زوجته ملكة خصوصاً إذا كان لها معه دور مهم في حياته وحتى إن لم يكن لها دور –هو حر برضه.. لكن ملكة على حياته هو وليس حياة أسرته الأصلية. وبالذات الوالدين، الأم والأب. وليس من الصحيح ما يفعله البعض بفصل حياتهم تماماً عن حياة أسرتهم بما في ذلك اختراق للأصول وعدم البرّ بهم. إذا كان من البر بالوالدين أن نصل من كانوا يصلونهم ويحبونهم.. فما بالك بمنع زوجاتنا وأولادنا من التواصل معهم والبر بهم؟؟!
قد ترتفع بعض أصوات القراء وبالأخص القارئات بأن مساوئ الاختلاط بأهل الزوج أكثر من محاسنه. والباب الذي يأتي منه الريح، سده واستريح! وأنا أتفق معهن في حالة إذا كان يوجد تدخل سافر في تفاصيل حياتها وكثيراً ما يحدث بالمناسبة في السنين الأولى من الزواج. لكن لا نعالج السيئة بسيئة مثلها خصوصاً إذا علمنا أن دافع السيئة الأولى غالباً ما يكون الحرص والخوف على أبناء دخلوا حياة جديدة وكانوا بالأمس لا يستطيعون النوم في غير أحضان الوالدين. وأياً كانت الأسباب التي ستقودها كل واحدة لتبرر مواقفها التي تشبه مواقف "فايزة" الـ(تييييييييييت)، هناك أصول تربينا عليها لا يمكن أن ننقضها مهما كانت الظروف.
ولن أدّعي أن كل أمهات الأزواج طيبات مثل طنط "فريدة". ومنهن من تتجسد فيهن مفهوم الحماة كما قدمته الأفلام من أيام الأبيض والأسود، بل أضيف أن منهن من لا تتمتع بخفة دم "ماري منيب" أشهر حماة في السينما المصرية. لكنها في الأول والآخر أم؛ أم الزوج، وجدة الأبناء إن شاء الله، وهي قبل كل ذلك كبيرة في السن. فلها من الزوجة كل حقوق الأم، وكل حقوق الكبار، وكل حقوق صلة الرحم.
نفس الأمر ينطبق على الخطأ الذي تقع فيه كثيرات من الزوجات حينما يعقدن مقارنات بينهن وبين أم زوجها وأخته. ولن أخوض في تفاصيل هذا الأمر المُخرِّب حقاً للبيوت والأنفس. لكن سأقول إنه كما أن لكل مقام مقال، فلكل إنسان مكانته ودوره الذي لا يقوم به أحد آخر خصوصاً داخل الأسرة الواحدة. ومن السفاهة أن تشغل أي إنسانة نفسها بـ: هو بيحب مين أكتر.. أنا ولاّ مامته ولاّ أخته؟!!
هذا السؤال هو نفس السؤال المستفز الذي يطرحه مذيع مبتدئ متعين بواسطة ولا يملك حضوراً ولم يُعدّ للحوار جيداً وليس لبقاً على ضيفه المسئول الكبير عن أي أبنائه أحب إليه.. البكري أم آخر العنقود؟!!