بعد مرور ربع قرن على رحيله أصبحنا نقول: الله يرحمك يا محمد. فين أيامك يا أنور. نارك القايدة يا سادات ولا فردوسك المنتظر يا مبارك
******************************************************
دائما ما تمر ذكرى الرئيس الراحل أنور السادات كأنها سحابة صيف سريعة، وذلك بسبب الدوشة الاعلامية المتكررة والضجيج الحكومي المفتعل والمراسم التقليدية البلهاء في الاحتفال بذكرى حرب السادس من أكتوبر. ونسى الجميع أن بطل الحرب والسلام قد مات مقتولا في نفس اليوم الذي حقق فيه نصر مصر الأكبر في تاريخها القديم والحديث، بل ونصر العرب الأعظم الذيم يتنكرون له الآن ويصفونه بالتمثيلية الهزلية أو بمسرحية عبثية أسدل عليها الستار في كامب ديفيد
ذكرى السادات هذه المرة هي الخامسة والعشرين، وهي نفس الفترة التي لا يزال يحكم مصر فيها، نائبه الذي اختاره منذ اثنان وثلاثون سنة وتحديدا في عام 1975، عندما أراد السادات تكريم رموز وقادة نصر أكتوبر المجيد، وكان أبرزهم اللواء طيار محمد حسني مبارك
وفي نفس اليوم الذي عبرت فيه أفراد القوات المسلحة قناة السويس. في نفس اليوم الذي هدمت حاجزا عسكريا منيعا اعتبره الخبراء الأقوى في تاريخ الحروب الحديثة. في نفس اليوم الذي اسقطت فيه أهم نظريات المؤامرة العربية باستحالة هزيمة العدو الاسرائيلي عسكريا. في نفس هذا اليوم السادس من أكتوبر تطال بطل الحرب والسلام رصاصات ترديه قتيلا على الفور، ليظل بعد ربع قرن على اغتياله سؤال لا نملك الرد عليه الآن رغم أننا جميعا نعرف اجابته بوضوح، إلا أننا نتفق على أن نقل زورا أو لنصمت، على الأقل في هذه المرحلة، المرحلة التي يحكم فيها نائب السادات
******************************************************
على سبيل المثال لا الحصر، لماذا أصدر النظام أوامره برفع الحصانة البرلمانية عن طلعت السادات تمهيدا لمحاكمته بتهمة اهانة الجيش ؟ والجواب ببساطة لأنه – أي طلعت - ينبش فى موضوع إغتيال السادات، بل وينادى بإجراء تحقيق مستقل ودولى فيه على غرار التحقيق في مقتل رفيق الحريري، وهو من وجهه نظري مطلب حق وليس هناك ما يضع وجه شبهة عليه اللهم إلا أن هناك من يشعر بأن على رأسه بطحة ويريد أن يسكت كل هذا الكلام فالعيار الذي لا يصيب، يدوش
******************************************************
الواقع أنه عندما تريد أجهزة المخابرات إغتيال أحد فى وزن السادات فإنها تحرص على ألا تشير أصابع الإتهام إليها فتوجد متهم جاهز تلصق بة التهمة أو تسهل بطرقها الخاصة لأعدائه الوصول إليه وقتله كما فى حالة جون كيندى على سبيل المثال
وإن كانت الجماعة الإسلامية هى التى أطلقت الرصاص على السادات فعلا، فإنهم يعترفون فعلا بأن ما حدث معهم كان توفيقا شديدا من الله جعل كل الحواجز أمامهم تزول، وكل الأعين عنهم تغمض، وكل الألسنة حولهم تخرس، حتى أنني أنا ذلك الفسل الذي لم ينتمي إلى هذه الجماعات أبدا قد بدأ الشك يلف في نفسه على طريقة الاعلان اتسخط قرد لو مفيش في الموضوع إن، فهم يقولون أن الله سهل لهم، وأنا أقول أن بعض العناصر الكبيرة قد سهلت لهم، والفارق ليس كبيرا بين كلا الطريقتين التسهيليتين
بدأت القصة منذ تعيين الرئيس السادات مبارك نائبا له، ثم الصعود المدوي للعميد محمد عبد الحليم أبو غزالة الذي سرعان ما أصبح خلال أربع سنوات رئيسا للأركان ثم وزيرا للدفاع برتبة مشير، وذلك بعد الحادث المأساوي الذي راح ضحيته المشير أحمد بدوي ومعه ثلاثة عشر من خيرة القادة العسكريين بالجيش في حادث تحطم الطائرة الهليكوبترالتي كانت تقلهم في زيارة ميدانية بالصحراء الغربية
وانتهت القصة بأيام متوترة زادت فيها حدة الشك والريبة من احتمال القيام باغتيال السادات بعد أن تصاعدت أعمال العنف في البلاد واصدار السادات لقرارات اعتقالات سبتمبر لأكثر من ألف وخمسمائة شخصية من مختلف التيارات الدينية والعلمانية في البلاد. ورغم ذلك أنا لا أجد مبررا لهذا الشك وهذه الريبة من احتمال القيام بعملية اغتيال لرأس الدولة لأنه ببساطة من يقوم بحماية السادات دائما قرابة مائة وخمسون فردا من الحراس الشخصيون المدربون أعلى تدريب فى الولايات المتحدة والذين يعزلون تماما دائرة حول السادات يتعدى نصف قطرها 15 متر، ناهيك عن فرق القوات الخاصة من الكوماندوز التابعة للحرس الجمهورى وقوات الأمن المركزى التى توفر الحماية لموكب الرئيس و تأمين الطرقات والأسطح وقوات الشرطة المدنية والشرطة العسكرية لزوم عمليات التأمين والحماية
كيف إذن يمكن أن يقتل السادات وسط كل تلك الاحتياطات الأمنية ؟ خاصة لو عرفنا أن وزير الداخلية وقتها النبوي اسماعيل قد حذر الرئيس من احتمال وجود عملية لاغتياله لأنهم – أي أجهزة الأمن – لديهم شريط فيديو يصور تدريبات ضرب نار تنفذها عناصر من الجماعات الاسلامية في الصحراء ، فلماذا لم يتم القبض على هذه العناصر ؟ ولماذا لم يتم تتبعهم أو منعهم أو حتى قتلهم لو طلب الأمر ذلك وقتها
وأخيرا، لماذا عاد الملازم أول خالد الاسلامبولي إلى المشاركة في العرض العسكري، رغم أنه كان قد منع لمدة ثلاث سنوات بسبب انتماء أخوه الأكبر إلى تنظيمات الجماعة الاسلامية، ورغم ذلك قررت المخابرات الحربية فجاة فى منتصف أغسطس رفع اسمه من على قوائم الممنوعين في العرض، ليتصل به قادة الجماعات الاسلامية ويخبروه عن نيتهم في قتل السادات وأنه هو من سيقوم بذلك
******************************************************
يقول البعض أن السادات قد سطر نهايته بنفسه مع قرارات سبتمبر التي اعتقل فيها مثقفي مصر، ويعلل البعض بأن السبب الرئيس وراء اغتياله هو اهانته للرموز الدينية بشدة لأنهم قد تحاملوا عليه ووصفوه بالحاكم الخائن والعميل والكافر، في وقت كان السادات يريد تهيئة جبهة مصر الداخلية استعدادا لاستعادة سيناء كاملة عام 1982
******************************************************
في الحقيقة، هناك أشياء لا يصلح أن نذكرها الآن، وربما لن يصلح أن نذكرها بعد ذلك أبدا لأسباب وراثية نعرفها جميعا، ولكن يكفي أن نعرف معلومة هامة وهي أن الدكتورة هدى عبد الناصر ابنة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قد أقامت دعوى قضائية تتهم فيها السادات بقتل أبوها، والسادات في الحقيقة كان نائب أبوها عبد الناصر. فإذا كانت الدكتورة هدى تتهم رئيس دولة بقتل رئيس دولة، مع العلم بأن رئيس الدولة القاتل قد قتل هو الآخر وكان له نائب أصبح رئيس دولة من بعده .. فمن القاتل ؟ اتصل لتكسب معنا اوضة مفروشة في ليمان طرة